قوله تعالى: (قل هذه سبيلي) ابتداء وخبر، أي قل يا محمد هذه طريقي وسنتي ومنهاجي، قاله ابن زيد. وقال الربيع: دعوتي، مقاتل: ديني، والمعنى واحد، أي الذي أنا عليه وأدعو إليه يؤدي إلى الجنة. (على بصيرة) أي على يقين وحق، ومنه: فلان مستبصر بهذا.
(أنا) توكيد. (ومن اتبعني) عطف على المضمر. (وسبحان الله) أي قل يا محمد:
" وسبحان الله ". (وما أنا من المشركين) الذين يتخذون من دون الله أندادا.
قوله تعالى: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عقبة الذين من قبلهم ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون (109) حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجى من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين (110) قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي (1) إليهم من أهل القرى) هذا رد على القائلين: " لولا أنزل عليه ملك " (2) [الأنعام: 8] أي أرسلنا رجالا ليس فيهم امرأة ولا جني ولا ملك، وهذا يرد ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن في النساء أربع نبيات حواء وآسية وأم موسى ومريم ". وقد تقدم في " آل عمران " (3) شئ من هذا. " من أهل القرى " يريد المدائن، ولم يبعث الله نبيا من أهل البادية لغلبة الجفاء والقسوة على أهل البدو، ولأن أهل الأمصار أعقل وأحلم وأفضل وأعلم. قال الحسن: لم يبعث الله نبيا من أهل البادية قط، ولا من النساء، ولا من الجن. وقال قتادة: " من أهل القرى " أي من أهل الأمصار، لأنهم أعلم وأحلم. وقال العلماء: من شرط الرسول أن يكون رجلا آدميا مدنيا، وإنما قالوا آدميا تحرزا، من قوله: " يعوذون برجال من الجن " (4) [الجن: 6] والله أعلم.