قوله تعالى: واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد (15) من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد (16) يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ (17) قوله تعالى: (واستفتحوا) أي واستنصروا، أي أذن للرسل في الاستفتاح على قومهم، والدعاء بهلاكهم، قاله ابن عباس وغيره، وقد مضى في " البقرة " (1). ومنه الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بصعاليك المهاجرين، أي يستنصر. وقال ابن زيد: استفتحت الأمم بالدعاء كما قالت قريش: " اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك " (2) [الأنفال: 32] الآية. وروي عن ابن عباس. وقيل قال الرسول: " إنهم كذبوني فافتح بيني وبينهم فتحا " وقالت الأمم:
إن كان هؤلاء صادقين فعذبنا، عن ابن عباس أيضا، نظيره " ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين " (3) [العنكبوت: 29] " ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين " (4) [الأعراف: 77]. (وخاب كل جبار عنيد) الجبار المتكبر الذي لا يري لأحد عليه حقا، هكذا هو عند أهل اللغة، ذكره النحاس. والعنيد المعاند للحق والمجانب له، عن ابن عباس وغيره، يقال: عند عن قومه أي تباعد عنهم. وقيل:
هو من العند، وهو الناحية وعاند فلان أي أخذ في ناحية معرضا، قال الشاعر:
إذا نزلت فاجعلوني وسطا * إني كبير لا أطيق العندا وقال الهروي قوله تعالى: " جبار عنيد " أي جائر عن القصد، وهو العنود والعنيد والعاند، وفي حديث ابن عباس وسئل عن المستحاضة فقال: إنه عرق عاند. قال أبو عبيد: هو الذي عند وبغى كالإنسان يعاند، فهذا العرق في كثرة ما يخرج منه بمنزلته. وقال شمر: العاند الذي لا يرقأ. وقال عمر يذكر سيرته: أضم العنود، قال الليث: العنود من الإبل الذي لا يخالطها إنما هو في ناحية أبدا، أراد من هم بالخلاف أو بمفارقة الجماعة عطفت به إليها.
وقال مقاتل: العنيد المتكبر. وقال ابن كيسان: هو الشامخ بأنفه. وقيل: العنود والعنيد الذي