وسميت العصمة عصمة لأنها تمنع من ارتكاب المعصية. وقيل: " استعصم " أي استعصى، والمعنى واحد. (ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن) عاودته المراودة بمحضر منهن، وهتكت جلباب (1) الحياء، ووعدت بالسجن إن لم يفعل، وإنما فعلت هذا حين لم تخش لوما ولا مقالا خلاف أول أمرها إذ كان ذلك بينه وبينها. (وليكونا من الصاغرين) أي الأذلاء.
وخط المصحف " وليكونا " بالألف وتقرأ بنون مخففة للتأكيد، ونون التأكيد تثقل وتخفف والوقف على قوله: " ليسجنن " بالنون لأنها مثقلة، وعلى " ليكونا " بالألف لأنها مخففة، وهي تشبه نون الإعراب في قولك: رأيت رجلا وزيدا وعمرا، ومثله قوله: " لنسفعا بالناصية " (2) ونحوها الوقف عليها بالألف، كقول الأعشى:
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا أي أراد فاعبدا، فلما وقف عليه كان الوقف بالألف.
قوله تعالى: قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين (33) فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم (34) قوله تعالى: (قال رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه) أي دخول السجن، فحذف المضاف، قاله الزجاج والنحاس. " أحب إلي " أي أسهل علي وأهون من الوقوع في المعصية، لا أن دخول السجن مما يحب على التحقيق. وحكي أن يوسف عليه السلام لما قال: " السجن أحب إلي " أوحى الله إليه " يا يوسف! أنت حبست نفسك حيث قلت السجن أحب إلي، ولو قلت العافية أحب إلي لعوفيت ". وحكى أبو حاتم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه قرأ: " السجن " بفتح السين وحكى أن ذلك قراءة ابن أبي إسحاق