قوله تعالى: قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين (26) وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين (27) فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم (28) يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك أنك كنت من الخاطئين (29) قوله تعالى: (قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها).
فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قال العلماء: (1) لما برأت نفسها، ولم تكن صادقة في حبه - لأن من شأن المحب إيثار المحبوب - قال: " هي راودتني عن نفسي " نطق يوسف بالحق في مقابلة بهتها وكذبها عليه. قال نوف الشامي وغيره: كأن يوسف عليه السلام لم يبن عن كشف القضية، فلما بغت به غضب فقال الحق.
الثانية - (شهد شاهد من أهلها) لأنهما لما تعارضا في القول احتاج الملك إلى شاهد ليعلم الصادق من الكاذب، فشهد شاهد من أهلها. أي حكم حاكم من أهلها، لأنه حكم منه وليس بشهادة. وقد اختلف في هذا الشاهد على أقوال أربعة: الأول - أنه طفل في المهد تكلم، قال السهيلي: وهو الصحيح، للحديث الوارد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قوله: " لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة " وذكر فيهم شاهد يوسف. وقال القشيري أبو نصر: قيل [فيه] (2): كان صبيا في المهد في الدار وهو ابن خالتها، وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " تكلم أربعة وهم صغار " فذكر منهم شاهد يوسف، فهذا قول. الثاني - أن الشاهد قد القميص، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد، وهو مجاز صحيح من جهة اللغة، فإن لسان الحال أبلغ من لسان المقال،