قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا) يعني مكة وقد مضى في " البقرة " (1). (واجنبني وبنى أن نعبد الأصنام) أي اجعلني جانبا عن عبادتها، وأراد بقوله: " بني " بنيه من صلبه وكانوا ثمانية، فما عبد أحد منهم صنما. وقيل: هو دعاء لمن أراد الله أن يدعو له. وقرأ الجحدري وعيسى " وأجنبني " بقطع الألف والمعنى واحد، يقال: جنبت ذلك الأمر، وأجنبته وجنبته إياه فتجانبه واجتنبه أي تركه. وكان إبراهيم التيمي يقول في قصصه: من يأمن البلاء بعد الخليل حين يقول " وأجنبني وبني أن نعبد الأصنام " كما عبدها أبي وقومي.
قوله تعالى: (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس) لما كانت سببا للإضلال أضاف الفعل إليهن مجازا، فإن الأصنام جمادات لا تفعل (2). (فمن تبعني) في التوحيد. (فإنه مني) أي من أهل ديني. (ومن عصاني) أي أصر على الشرك. (فإنك غفور رحيم) قيل:
قال هذا قبل أن يعرفه الله أن الله لا يغفر أن يشرك به. وقيل: غفور رحيم لمن تاب من معصيته قبل الموت. وقال مقاتل بن حيان: " ومن عصاني " فيما دون الشرك.
قوله تعالى: ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون (37) فيه ست مسائل:
الأولى - روى البخاري عن ابن عباس: أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، أتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس