قال: " اجتنبوا السبع الموبقات... - وفيها - وأكل الربا ". وفى مصنف أبى داود عن ابن مسعود قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده.
الرابعة والثلاثون - قوله تعالى: " وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم " الآية. روى أبو داود عن سليمان بن عمرو عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع: " ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية. موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " وذكر الحديث. فردهم تعالى مع التوبة إلى رؤوس أموالهم وقال لهم:
" لا تظلمون " في أخذ الربا " ولا تظلمون " في أن يتمسك بشئ من رؤوس أموالكم فتذهب أموالكم. ويحتمل أن يكون " لا تظلمون " في مطل، لان مطل الغنى ظلم، فالمعنى أنه يكون القضاء مع وضع الربا، وهكذا سنة الصلح، وهذا أشبه شئ بالصلح. ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أشار إلى كعب بن مالك في دين ابن أبي حدرد بوضع الشطر فقال كعب: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للآخر: " قم فاقضه ". فتلقى العلماء أمره بالقضاء سنة في المصالحات. وسيأتي في " النساء (1) " بيان الصلح وما يجوز منه وما لا يجوز، إن شاء الله تعالى.
الخامسة والثلاثون - قوله تعالى: " وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم " تأكيد لابطال ما لم يقبض منه وأخذ رأس المال الذي لا ربا فيه. فاستدل بعض العلماء بذلك على أن كل ما طرأ على البيع قبل القبض مما يوجب تحريم العقد أبطل العقد، كما إذا اشترى مسلم صيدا ثم أحرم المشترى أو البائع قبل القبض بطل البيع، لأنه طرأ عليه قبل القبض ما أوجب تحريم العقد، كما أبطل الله تعالى ما لم يقبض، لأنه طرأ عليه ما أوجب تحريمه قبل القبض، ولو كان مقبوضا لم يؤثر. هذا مذهب أبي حنيفة، وهو قول لأصحاب الشافعي.
ويستدل به على أن هلاك المبيع قبل القبض في يد البائع وسقوط القبض فيه يوجب بطلان العقد خلافا لبعض السلف، ويروى هذا الخلاف عن أحمد. وهذا إنما يتمشى على قول من يقول: إن العقد في الربا كان في الأصل منعقدا، وإنما بطل بالاسلام الطارئ قبل