ومنه قوله تعالى: " إن فرعون علا في الأرض (1) ". و (العظيم) صفة بمعنى عظيم القدر والخطر والشرف، لا على معنى عظم الاجرام. وحكى الطبري عن قوم أن العظيم معناه المعظم، كما يقال: العتيق بمعنى المعتق، وأنشد بيت الأعشى:
فكأن الخمر العتيق من الأسفنط * (2) ممزوجة بماء زلال وحكى عن قوم أنهم أنكروا ذلك وقالوا: لو كان بمعنى معظم لوجب ألا بكون عظيما قبل أن يخلق الخلق وبعد فنائهم، إذ لا معظم له حينئذ.
قوله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغى فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم (256) قوله تعالى: (لا إكراه في الدين). فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) الدين في هذه الآية المعتقد والملة بقرينة قوله: (قد تبين الرشد من الغى). والاكراه الذي في الاحكام من الايمان والبيوع والهبات وغيرها ليس هذا موضعه، وإنما يجئ في تفسير قوله: " إلا من أكره (3) ". وقرأ أبو عبد الرحمن " قد تبين الرشد من الغى " وكذا روى عن الحسن والشعبي، يقال: رشد يرشد رشدا، ورشد يرشد رشدا: إذا بلغ ما يحب. وغوى ضده، عن النحاس. وحكى ابن عطية عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ " الرشاد " بالألف. وروى عن الحسن أيضا (الرشد) بضم الراء والشين. (الغى) مصدر من غوى يغوى إذا ضل في معتقد أو رأى، ولا يقال الغى في الضلال على الاطلاق.