(الله ولى الذين آمنوا) الولي فعيل بمعنى فاعل. قال الخطابي: الولي الناصر ينصر عباده المؤمنين، قال الله عز وجل: (الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)، وقال: " ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم (1) ". قال قتادة: الظلمات الضلالة، والنور الهدى، وبمعناه قال الضحاك والربيع. وقال مجاهد وعبدة ابن أبي لبابة: قوله " الله ولى الذين آمنوا " نزلت في قوم آمنوا بعيسى فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به، فذلك إخراجهم من النور إلى الظلمات. قال ابن عطية:
فكأن هذا المعتقد (2) أحرز نورا في المعتقد خرج منه إلى الظلمات، ولفظ الآية مستغن عن هذا التخصيص، بل هو مترتب في كل أمة كافرة آمن بعضها كالعرب، وذلك أن من آمن منهم فالله وليه أخرجه من ظلمة الكفر إلى نور الايمان، ومن كفر بعد وجود النبي صلى الله عليه وسلم الداعي المرسل فشيطانه مغويه، كأنه أخرجه من الايمان إذ هو [معه (3)] معد وأهل للدخول فيه، وحكم عليهم بالدخول في النار لكفرهم، عدلا منه، لا يسأل عما يفعل. وقرأ الحسن " أولياؤهم الطواغيت " يعنى الشياطين، والله أعلم.
قوله تعالى: ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربى الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدى القوم الظالمين (258) فيه مسألتان:
الأولى - قوله تعالى: (ألم تر) هذه ألف التوقيف، وفى الكلام معنى التعجب (4)، أي اعجبوا له. وقال الفراء: " ألم تر " بمعنى هل رأيت، أي هل رأيت الذي حاج إبراهيم، وهل رأيت الذي مر على قرية، وهو النمروذ (5) ابن كوش ابن كنعان ابن سام ابن نوح ملك زمانه