ذلك في شدة الحر ويكون في شدة البرد، وكل ذلك من فيح (1) جهنم ونفسها، كما تضمن قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم " و " إن النار اشتكت إلى ربها " الحديث. وروى عن ابن عباس وغيره: إن هذا مثل ضربه الله تعالى للكافرين والمنافقين، كهيئة رجل غرس بستانا فأكثر فيه من الثمر فأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء - يريد صبيانا بنات وغلمانا - فكانت معيشته ومعيشة ذريته من ذلك البستان، فأرسل الله على بستانه ريحا فيها نار فأحرقته، ولم يكن عنده قوة فيغرسه ثانية، ولم يكن عند بنيه خير فيعودون على أبيهم. وكذلك الكافر والمنافق إذا ورد إلى الله تعالى يوم القيامة ليست له كرة يبعث فيرد ثانية، كما ليست عند هذا قوة فيغرس بستانه ثانية، ولم يكن عنده من افتقر إليه عند كبر سنه وضعف ذريته غنى عنه.
(كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) يريد كي ترجعوا إلى عظمتي وربوبيتي ولا تتخذوا من دوني أولياء. وقال ابن عباس أيضا: تتفكرون في زوال الدنيا وفنائها وإقبال الآخرة وبقائها.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبت ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غنى حميد (267) فيه إحدى عشر مسألة:
الأولى - قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا أنفقوا) هذا خطاب لجميع أمة محمد صلى الله عليه وسلم. واختلف العلماء في المعنى المراد بالانفاق هنا، فقال علي بن أبي طالب وعبيدة السلماني وابن سيرين: هي الزكاة المفروضة، نهي الناس عن إنفاق الردئ فيها بدل الجيد.
قال ابن عطية: والظاهر من قول البراء بن عازب والحسن وقتادة أن الآية في التطوع، ندبوا إلى