هذا أمر كان في الجاهلية في ذوي الحسب وجاء الاسلام فلم يغيره، وتمادى ذوو الثروة والأحساب على تفريغ الأمهات للمتعة بدفع الرضعاء للمراضع إلى زمانه فقال به، وإلى زماننا فتحققناه شرعا.
الثامنة عشرة - قوله تعالى: (إذا سلمتم) يعنى الآباء، أي سلمتم الأجرة إلى المرضعة الظئر، قال سفيان. مجاهد: سلمتم إلى الأمهات أجرهن بحساب ما أرضعن إلى وقت إرادة الاسترضاع. وقرأ الستة من السبعة " ما آتيتم " بمعنى ما أعطيتم. وقرأ ابن كثير " أتيتم " بمعنى ما جئتم وفعلتم، كما قال زهير:
وما كان من خير أتوه فإنما * توارثه آباء آبائهم قبل قال قتادة والزهري: المعنى سلمتم ما أتيتم من إرادة الاسترضاع، أي سلم كل واحد من الأبوين ورضى، وكان ذلك على اتفاق منهما وقصد خير وإرادة معروف من الامر.
وعلى هذا الاحتمال فيدخل في الخطاب " سلمتم (1) " الرجال والنساء، وعلى القولين المتقدمين الخطاب للرجال. قال أبو على: المعنى إذا سلمتم ما آتيتم نقده أو إعطاءه، فحذف المضاف وأقيم الضمير مقامه، فكان التقدير: ما آتيتموه، ثم حذف الضمير من الصلة، وعلى هذا التأويل فالخطاب للرجال، لأنهم الذين يعطون أجر الرضاع. قال أبو على: ويحتمل أن تكون " ما " مصدرية، أي إذا سلمتم الاتيان، والمعنى كالأول، لكن يستغنى عن الصفة (2) من حذف المضاف ثم حذف الضمير.
قوله تعالى: والذين يتوفون منكم ويذرون أزوجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير (234) فيه خمس وعشرون مسألة:
الأولى - قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم) لما ذكر عز وجل عدة الطلاق واتصل بذكرها ذكر الارضاع، ذكر عدة الوفاة أيضا، لئلا يتوهم أن عدة الوفاة مثل عدة