قوله تعالى: يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون (219) قوله تعالى: (يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما). فيه تسع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (يسألونك) السائلون هم المؤمنون، كما تقدم. والخمر مأخوذة من خمر إذا ستر، ومنه خمار المرأة. وكل شئ غطى شيئا فقد خمره، ومنه " خمروا آنيتكم " فالخمر تخمر العقل، أي تغطيه وتستره، ومن ذلك الشجر الملتف يقال له: الخمر (بفتح الميم) لأنه يغطى ما تحته ويستره، يقال منه: أخمرت الأرض كثر خمرها، قال الشاعر:
ألا يا زيد والضحاك سيرا * فقد جاوزتما خمر الطريق أي سيرا مدلين فقد جاوزتما الوهدة التي يستتر بها الذئب وغيره. وقال العجاج يصف جيشا يمشي برايات وجيوش غير مستخف:
في لامع العقبان (2) لا يمشى الخمر * يوجه الأرض ويستاق الشجر ومنه قولهم: دخل في غمار الناس وخمارهم، أي هو في مكان خاف. فلما كانت الخمر تستر العقل وتغطيه سميت بذلك. وقيل: إنما سميت الخمر خمرا لأنها تركت حتى أدركت، كما يقال: قد اختمر العجين، أي بلغ إدراكه. وخمر الرأي، أي ترك حتى يتبين فيه الوجه.
وقيل: إنما سميت الخمر خمرا لأنها تخالط العقل، من المخامرة وهي المخالطة، ومنه قولهم:
دخلت في خمار الناس، أي اختلطت بهم. فالمعاني الثلاثة متقاربة، فالخمر تركت وخمرت حتى أدركت، ثم خالطت العقل، ثم خمرته، والأصل الستر.