قلت: وهذا حسن: فإن الضمير قد يراد به جميع المذكور وإن كثر. والنذر حقيقة العبارة عنه أن تقول: هو ما أوجبه المكلف على نفسه من العبادات مما لو لم يوجبه لم يلزمه، تقول: نذر الرجل كذا إذا التزم فعله، ينذر (بضم الذال) وينذر (بكسرها). وله أحكام يأتي بيانها في غير هذا الوضع إن شاء الله تعالى (1).
قوله تعالى: إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير (271) ذهب جمهور المفسرين إلى أن هذه الآية في صدقة التطوع، لان الاخفاء فيها أفضل من الاظهار، وكذلك سائر العبادات الاخفاء أفضل في تطوعها لانتفاء الرياء عنها، وليس كذلك الواجبات. قال الحسن: إظهار الزكاة أحسن، وإخفاء التطوع أفضل، لأنه أدل على أنه يراد الله عز وجل به وحده. قال ابن عباس: جعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها يقال بسبعين ضعفا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفا. قال: وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها.
قلت: مثل هذا لا يقال من جهة الرأي وإنما هو توقيف، وفى صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (2) " وذلك أن الفرائض لا يدخلها رياء والنوافل عرضة لذلك. وروى النسائي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة ". وفى الحديث: " صدقة السر تطفئ غضب الرب ".
قال ابن العربي: " وليس في تفضيل صدقة العلانية على السر، ولا تفضيل صدقة السر على العلانية حديث صحيح ولكنه الاجماع الثابت، فأما صدقة النفل فالقرآن ورد مصرحا