قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شئ مما كسبوا والله لا يهدى القوم الكافرين (264) فيه ثلاث مسائل الأولى - قوله تعالى: (بالمن والأذى) قد تقدم معناه. وعبر تعالى عن عدم القبول وحرمان الثواب بالابطال، والمراد الصدقة التي يمن بها ويؤذى، لا غيرها. والعقيدة أن السيئات لا تبطل الحسنات ولا تحبطها، فالمن والأذى في صدقة لا يبطل صدقة غيرها.
قال جمهور العلماء في هذه الآية: إن الصدقة التي يعلم الله من صاحبها أنه يمن أو يؤذى بها فإنها لا تقبل. وقيل: بل قد جعل الله للملك عليها أمارة فهو لا يكتبها، وهذا حسن.
والعرب تقول لما يمن به: يد سوداء. ولما يعطى عن غير مسألة: يد بيضاء. ولما يعطى عن مسألة: يد خضراء. وقال بعض البلغاء: من من بمعروفه سقط شكره، ومن أعجب بعمله حبط أجره. وقال بعض الشعراء:
وصاحب سلفت منه إلى يد * أبطا عليه مكافأتي فعاداني لما تيقن أن الدهر حاربني * أبدى الندامة فيما كان أو لأني وقال آخر:
أفسدت بالمن ما أسديت من حسن * ليس الكريم إذا أسدى بمنان وقال أبو بكر الوراق فأحسن:
أحسن من كل حسن * في كل وقت وزمن صنيعة مربوبة * خالية من المنن