كعب بن عمرو - أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله ". ففي هذه الأحاديث من الترغيب ما هو منصوص فيها. وحديث أبي قتادة يدل على أن رب الدين إذا علم عسرة [غريمه (1)] أو ظنها حرمت عليه مطالبته، وإن لم تثبت عسرته عند الحاكم. وإنظار المعسر تأخيره إلى أن يوسر. والوضع عنه إسقاط الدين عن ذمته. وقد جمع المعنيين أبو اليسر لغريمه حيث محا عنه الصحيفة وقال له: إن وجدت قضاء فاقض وإلا فأنت في حل (2).
قوله تعالى: واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون (281) قيل: إن هذه الآية نزلت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ليال ثم لم ينزل بعدها شئ، قاله ابن جريج. وقال ابن جبير ومقاتل: بسبع ليال. وروى بثلاث ليال. وروى أنها نزلت قبل موته بثلاث ساعات، وأنه عليه السلام قال: " اجعلوها بين آية الربا وآية الدين ". وحكى مكي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " جاءني جبريل فقال اجعلها على رأس مائتين وثمانين آية ".
قلت: وحكى عن أبي بن كعب وابن عباس وقتادة أن آخر ما نزل: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم " إلى آخر الآية (3). والقول الأول أعرف وأكثر وأصح وأشهر. ورواه أبو صالح عن ابن عباس قال: آخر ما نزل من القرآن (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: " يا محمد ضعها على رأس ثمانين ومائتين من البقرة ". ذكره أبو بكر الأنباري في " كتاب الرد " له، وهو قول ابن عمر رضي الله عنه أنها آخر ما نزل، وأنه عليه السلام عاش بعدها أحدا وعشرين يوما، على ما يأتي بيانه في آخر سورة " إذا جاء نصر الله والفتح (4) " إن شاء تعالى. والآية وعظ لجميع