وبيع النفس هنا هو بذلها لأوامر الله. " ابتغاء " مفعول من أجله. ووقف الكسائي على " مرضات " بالتاء، والباقون بالهاء. قال أبو على: وقف الكسائي بالتاء إما على لغة من يقول: طلحت وعلقمت، ومنه قول الشاعر:
* بل جوزتيهاء كظهر الحجفت (1) * وإما أنه لما كان هذا المضاف إليه في ضمن اللفظة ولا بد أثبت التاء كما ثبتت في الوصل ليعلم أن المضاف إليه مراد. والمرضاة الرضا، يقال: رضى يرضى رضا ومرضاة. وحكى قوم أنه يقال: شرى بمعنى اشترى، ويحتاج إلى هذا من تأول الآية في صهيب، لأنه اشترى نفسه بماله ولم يبعها، اللهم إلا أن يقال: إن عرض صهيب على قتالهم بيع لنفسه من الله.
فيستقيم اللفظ على معنى باع.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوت الشيطان إنه لكم عدو مبين (208) لما بين الله سبحانه الناس إلى مؤمن وكافر ومنافق فقال: كونوا على ملة واحدة، واجتمعوا على الاسلام واثبتوا عليه. فالسلم هنا بمعنى الاسلام، قال مجاهد، ورواه أبو مالك عن ابن عباس. ومنه قول الشاعر الكندي:
دعوت عشيرتي للسلم لما * رأيتهم تولوا مدبرينا أي إلى الاسلام لما ارتدت كندة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مع الأشعث بن قيس الكندي، ولأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالدخول في المسالمة التي هي الصلح، وإنما قيل للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجنح للسلم إذا جنحوا له، وأما أن يبتدئ بها فلا، قاله الطبري.
وقيل: أمر من آمن بأفواههم أن يدخلوا فيه بقلوبهم. وقال طاوس ومجاهد: ادخلوا في أمر الدين. سفيان الثوري: في أنواع البر كلها. وقرئ " السلم " بكسر السين.