قوله تعالى: والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير (233) فيه ثمان عشرة مسألة:
الأولى - قوله تعالى: (والوالدات) ابتداء. (يرضعن أولادهن) في موضع الخبر.
(حولين كاملين) ظرف زمان. ولما ذكر الله سبحانه النكاح والطلاق ذكر الولد، لان الزوجين قد يفترقان وثم ولد، فالآية إذا في المطلقات اللاتي لهن أولاد من أزواجهن، قال السدى والضحاك وغيرهما، أي هن أحق برضاع أولادهن من الأجنبيات لأنهن أحنى وأرق، وانتزاع الولد الصغير إضرار به وبها، وهذا يدل على أن الولد وإن فطم فالأم أحق بحضانته لفضل حنوها وشفقتها، وإنما تكون أحق بالحضانة إذا لم تتزوج على ما يأتي.
وعلى هذا يشكل قوله: " وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف " لان المطلقة لا تستحق الكسوة إذا لم تكن رجعية بل تستحق الأجرة إلا أن يحمل على مكارم الأخلاق فيقال: الأولى ألا تنقص الأجرة عما يكفيها لقوتها وكسوتها. وقيل: الآية عامة في المطلقات اللواتي لهن أولاد وفى الزوجات. والأظهر أنها في الزوجات في حال بقاء النكاح، لأنهن المستحقات للنفقة والكسوة، والزوجة تستحق النفقة والكسوة أرضعت أو لم ترضع، والنفقة والكسوة مقابلة التمكين، فإذا اشتغلت بالارضاع لم يكمل التمكين، فقد يتوهم أن النفقة تسقط فأزال ذلك الوهم بقوله تعالى: " وعلى المولود له " أي الزوج " رزقهن وكسوتهن "، في حال الرضاع لأنه اشتغال في مصالح الزوج، فصارت كما لو سافرت لحاجة الزوج بإذنه فإن النفقة لا تسقط.