نزول آية التحريم ولا يتعقب بالفسخ ما كان مقبوضا. وقد قيل: إن الآية نزلت بسبب ثقيف، وكانوا عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن مالهم من الربا على الناس فهو لهم، وما للناس عليهم فهو موضوع عنهم، فلما أن جاءت آجال رباهم بعثوا إلى مكة للاقتضاء، وكانت الديون لبني عبدة وهم بنو عمرو بن عمير من ثقيف، وكانت على بنى المغيرة المخزوميين.
فقال بنو المغيرة: لا نعطى شيئا فإن الربا قد رفع ورفعوا أمرهم إلى عتاب بن أسيد، فكتب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت الآية فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عتاب، فعلمت بها ثقيف فكفت. هذا سبب الآية على اختصار مجموع ما روى ابن إسحاق وابن جريج والسدي وغيرهم. والمعنى اجعلوا بينكم وبين عذاب الله وقاية بترككم ما بقى لكم من الربا وصفحكم عنه.
الموفية ثلاثين - قوله تعالى: (إن كنتم مؤمنين) شرط محض في ثقيف على بابه، لأنه كان في أول دخولهم في الاسلام. وإذا قدرنا الآية فيمن قد تقرر إيمانه فهو شرط مجازى على جهة المبالغة، كما تقول لمن تريد إقامة (1) نفسه: إن كنت رجلا فافعل كذا. وحكى النقاش عن مقاتل بن سليمان أنه قال: إن " إن " في هذه الآية بمعنى " إذ ". قال ابن عطية:
وهذا مردود لا يعرف في اللغة. وقال ابن فورك: يحتمل أن يريد " يا أيها الذين آمنوا " بمن قبل محمد عليه السلام من الأنبياء " ذروا ما بقى من الربا إن كنتم مؤمنين " بمحمد صلى الله عليه وسلم! إذ لا ينفع الأول إلا بهذا. وهذا مردود بما روى في سبب الآية.
الحادية والثلاثون - قوله تعالى: (فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله) هذا وعيد إن لم يذروا الربا، والحرب داعية القتل. وروى ابن عباس أنه يقال يوم القيامة لآكل الربا: خذ سلاحك للحرب. وقال ابن عباس أيضا: من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستثيبه، فإن نزع وإلا ضرب عنقه. وقال قتادة: أوعد الله أهل الربا بالقتل فجعلهم بهرجا (2) أينما ثقفوا (3). وقيل: المعنى إن لم تنتهوا فأنتم حرب لله ولرسوله، أي