واختلفوا في عيسى فجعلته اليهود لفرية، وجعلته النصارى ربا، فهدى الله المؤمنين بأن جعلوه عبد الله. وقال الفراء: هو من المقلوب - واختاره الطبري - قال: وتقديره فهدى الله الذين آمنوا للحق لما (1) اختلفوا فيه. قال ابن عطية: ودعاه إلى هذا التقدير خوف أن يحتمل اللفظ أنهم اختلفوا في الحق فهدى الله المؤمنين لبعض ما اختلفوا فيه، وعساه غير الحق في نفسه، نحا إلى هذا الطبري في حكايته عن الفراء، وادعاء القلب على لفظ كتاب الله دون ضرورة تدفع إلى ذلك عجز وسوء نظر، وذلك أن الكلام يتخرج على وجهه ووصفه، لان قوله: " فهدى " يقتضى أنهم أصابوا الحق، وتم المعنى في قوله: " فيه " وتبين بقوله:
" من الحق " جنس ما وقع الخلاف فيه، قال المهدوي: وقدم لفظ الاختلاف على لفظ الحق اهتماما، إذ العناية إنما هي بذكر الاختلاف. قال ابن عطية: وليس هذا عندي بقوي. وفى قراءة عبد الله بن مسعود " لما اختلفوا عنه من الحق " أي عن الاسلام.
و (بإذنه) قال الزجاج: معناه بعلمه. قال النحاس: وهذا غلط، والمعنى بأمره، وإذا أذنت في الشئ فقد أمرت به، أي فهدى الله الذين آمنوا بأن أمرهم بما يجب أن يستعملوه. قوله تعالى: (والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم) رد على المعتزلة في قولهم:
إن العبد يستبد بهداية نفسه.
قوله تعالى: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب (214) قوله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) " حسبتم " معناه ظننتم. قال قتادة والسدي وأكثر المفسرين: نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة، والحر والبرد، وسوء العيش، وأنواع الشدائد، وكان كما قال الله تعالى: " وبلغت القلوب الحناجر (2) ". وقيل: نزلت في حرب أحد، نظيرها - في آل عمران - " أم حسبتم أن