الثانية - قوله تعالى: (فلا جناح عليكم) خطاب لجميع الناس، والتلبس بهذا الحكم هو للحكام والأولياء. (فيما فعلن) يريد به التزوج فما دونه من التزين واطراح الاحداد. (بالمعروف) أي بما أذن فيه الشرع من اختيار أعيان الأزواج وتقدير الصداق دون مباشرة العقد، لأنه حق للأولياء كما تقدم.
الثالثة - وفى هذه الآية دليل على أن للأولياء منعهن من التبرج والتشوف للزوج في زمان العدة. وفيها رد على إسحاق في قوله: إن المطلقة إذا طعنت في الحيضة الثالثة بانت وانقطعت رجعة الزوج الأول، إلا أنه لا يحل لها أن تتزوج حتى تغتسل. وعن شريك أن لزوجها الرجعة ما لم تغتسل ولو بعد عشرين سنة، قال الله تعالى: " فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن " وبلوغ الاجل هنا انقضاء العدة بدخولها في الدم من الحيضة الثالثة ولم يذكر غسلا، فإذا انقضت عدتها حلت للأزواج ولا جناح عليها فيما فعلت من ذلك. والحديث (1) عن ابن عباس لو صح يحتمل أن يكون منه على الاستحباب، والله أعلم.
قوله تعالى: ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم (235) قوله تعالى: (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء) إلى قوله (معروفا) فيه تسع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ولا جناح) أي لا إثم، والجناح الاثم، وهو أصح في الشرع.
وقيل: بل هو الامر الشاق، وهو أصح في اللغة، قال الشماخ:
إذا تعلو براكبها خليجا * * تذكر ما لديه من الجناح