على الجملة، والنص على الصفة يجري مجرى النص على الغير، ولأجل هذا نص الله تعالى في الشرعيات على صفات الأفعال دون أعيان الأفعال، وكان ذلك جائزا لأن العلة تنزاح به.
فعلى هذا لو كلف الله تعالى الأمة أن يختاروا من ظاهره العدالة ثم قال لهم إن كان كذلك كان معصوما، والأمارات على العدالة ظاهرة منصوبة معلومة بالعادة، فإن ذلك جائز، كما جاز تكليفنا تنفيذ الحكم عند شهادة الشهادتين إذا ظننا عدالتهم ويكون تنفيذ الحكم معلوما وإن كانت العدالة مظنونة، وكذلك كون المختار معصوما يكون معلوما إذا اخترنا من ظاهره العدالة، وذلك لا ينافي النص والمعجز.
ويمكن مثل هذا الترتيب في اعتبار كثرة الثواب وكونه أفضل عند الله تعالى، لأنه لا يعلم ذلك إلا الله كالعصمة فلا بد أن ينص عليه أو يظهر معجزا.
ويمكن أن يعرف أعيان الأئمة بضرب من التقسيم، بأن يقول إذا ثبت وجوب الإمامة والأمة في ذلك بين أقوال ثلاثة مثلا فيفسد القسمين منها فيعلم صحة القسم الآخر على ما سنبينه في أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة من بعده، ولا يحتاج مع ذلك إلى نص ولا معجز.
غير أن هذا إنما إذا كانت الأحوال على ما هي عليه في شرعنا، ويمكن أن يقال قول من قال بإمامة من ثبتت إمامته لا بد أن يستند إلى دليل، لأنه لا بد أن يكون صادرا عن دليل، فهو إما أن يكون نصا أو معجزا، فقد عاد الأمر إلى ما قلناه.
فإن قيل: كيف تدعون وجوب النص أو المعجز، ومعلوم أن الصحابة لما حاجوا في الإمامة فكل طلبه من جهة الاختيار ولم يقل أحد أنه لا تثبت الإمامة إلا بالنص أو المعجز.