فأما السجود للشمس فعندنا وإن لم يكن كفرا فهو دلالة على الكفر وإن فاعله ليس بمصدق في القلب، لحصول الإجماع على أن فاعله كافر ولم يجمعوا على أن نفس السجود كفر لأن فيه الخلاف. وكلما يسأل من نظائر ذلك فالجواب عنه ما قلناه.
واستدلت المرجئة على أن الطاعات ليست إيمانا، أنه لو كانت طاعة إيمانا لكانت كل معصية كفرا أو بعض كفر، ولو جاز أن يكون في الإيمان ما ليس تركه كفرا جاز أن يكون في الإيمان الكفر ما ليس تركه إيمانا.
وأيضا لو كانت كل طاعة إيمانا لم يكن أحد كامل الإيمان لا الأنبياء ولا غيرهم لأنهم يتركون كثيرا من النوافل بلا خلاف، وعندهم يتركون من الواجب أيضا ما يكون صغيرا.
وأيضا قال الله تعالى " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " 1) وقال " والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شئ " 2) وقال " ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات " 3) [وذلك يدل على أنه يكون مؤمنا وأن يعمل الصالحات] 4) من أفعال الجوارح. والمعتمد ما قدمناه، وما يتعلق به المخالف قد بيناه في شرح الجمل لا نطول بذكره ههنا.
وأما الكفر فقد قلنا أنه عند المرجئة من أفعال القلوب، وهو جحد ما أوجب الله تعالى معرفته مما عليه دليل قاطع كالتوحيد والعدل والنبوة وغير ذلك، وأما في اللغة فهو الستر أو الجحود، وفي الشرع عبارة عما يستحق به العقاب الدائم الكثير، ويلحق بفاعله أحكام شرعية كمنع التوارث والتناكح.