يلتفت ولا يقلب الحصى، ولا يعبث بشيء من جسده، ولا يحدث نفسه بشيء من الدنيا حتى ينصرف.
القول الخامس: * (القنوت) * هو القيام، واحتجوا عليه بحديث جابر قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم: " أي الصلاة أفضل؟ قال طول القنوت " يريد طول القيام، وهذا القول عندي ضعيف، وإلا صار تقدير الآية: وقوموا لله قائمين اللهم إلا أن يقال: وقوموا لله مديمين لذلك القيام فحينئذ يصير القنوت مفسرا بالإدامة لا بالقيام.
القول السادس: وهو اختيار علي بن عيسى: أن القنوت عبارة عن الدوام على الشيء والصبر عليه والملازمة له وهو في الشريعة صار مختصا بالمداومة على طاعة الله تعالى، والمواظبة على خدمة الله تعالى، وعلى هذا التقدير يدخل فيه جميع ما قاله المفسرون، ويحتمل أن يكون المراد: وقوموا لله مديمين على ذلك القيام في أوقات وجوبه واستحبابه والله تعالى أعلم.
قوله تعالى * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذآ أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون) *.
اعلم أنه تعالى لما أوجب المحافظة على الصلوات والقيام على أدائها بأركانها وشروطها، بين من بعد أن هذه المحافظة على هذا الحد لا تجب إلا مع الأمن دون الخوف، فقال: * (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) * وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى: يروى * (فرجالا) * بضم الراء و * (رجالا) * بالتشديد و * (رجلا) *.
المسألة الثانية: قال الواحدي رحمه الله معنى الآية: فإن خفتم عدوا فحذف المفعول لإحاطة العلم به، قال صاحب الكشاف: فإن كان بكم خوف من عدو أو غيره، وهذا القول أصح لأن هذا الحكم ثابت عند حصول الخوف، سواء كان الخوف من العدو أو من غيره، وفيه قول ثالث وهو أن المعنى: فإن خفتم فوات الوقت إن أخرتم الصلاة إلى أن تفرغوا من حربكم فصلوا رجالا أو ركبانا، وعلى هذا التقدير الآية تدل على تأكيد فرض الوقت حتى يترخص لأجل المحافظة عليه بترك القيام والركوع والسجود.
المسألة الثالثة: في الرجال قولان أحدهما: رجالا جمع راجل مثل تجار وتاجر وصحاب