فجوابه: أن الظهر ليست بوسط في الحقيقة، لأنها تؤدى بعد الزوال، وهنا قد زال الوسط.
وأما قوله: نحمله على الصبح لكون وقت وجوبه وسطا بين وقت الظلمة وبين وقت النور، أو على المغرب لكون عددها متوسطا بين الاثنين والأربعة.
فجوابه: أن هذا محتمل وما ذكرناه أيضا محتمل، فوجب حمل اللفظ على الكل فهذا هو وجه الاستدلال في هذه المسألة بهذه الآية بحسب الإمكان والله أعلم.
أما قوله تعالى: * (وقوموا لله قانتين) * ففيه وجوه أحدها: وهو قول ابن عباس أن القنوت هو الدعاء والذكر، واحتج عليه بوجهين الأول: أن قوله: * (حافظوا على الصلوات) * أمر بما في الصلاة من الفعل، فوجب أن يحمل القنوت على كل ما في الصلاة من الذكر، فمعنى الآية: وقوموا لله ذاكرين داعين منقطعين إليه والثاني: أن المفهوم من القنوت هو الذكر والدعاء، بدليل قوله تعالى: * (أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما) * (الزمر: 9) وهو المعنى بالقنوت في صلاة الصبح والوتر، وهو المفهوم من قولهم: قنت على فلان لأن المراد به الدعاء عليه.
والقول الثاني: * (قانتين) * أي مطيعين، وهو قول ابن عباس والحسن والشعبي وسعيد بن جبير وطاوس وقتادة والضحاك ومقاتل، الدليل عليه وجهان الأول: ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " كل قنوت في القرآن فهو الطاعة " الثاني: قوله تعالى في أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم: * (ومن يقنت منكن لله ورسوله) * (النساء: 34) وقال في كل النساء: * (فالصالحات قانتات) * (النساء: 34) فالقنوت عبارة عن إكمال الطاعة وإتمامها، والاحتراز عن إيقاع الخلل في أركانها وسننها وآدابها، وهو زجر لمن لم يبال كيف صلى فخفف واقتصر على ما يجزئ وذهب إلى أنه لا حاجة لله إلى صلاة العباد، ولو كان كما قال لوجب أن لا يصلي رأسا، لأنه يقال: كما لا يحتاج إلى الكثير من عبادتنا، فكذلك لا يحتاج إلى القليل وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم والرسل والسلف الصالح فأطالوا وأظهروا الخشوع والاستكانة وكانوا أعلم بالله من هؤلاء الجهال.
القول الثالث: * (قانتين) * ساكتين، وهو قول ابن مسعود وزيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة فيسلم الرجل فيردون عليه، ويسألهم: كم صليتم؟ كفعل أهل الكتاب، فنزل الله تعالى: * (وقوموا لله قانتين) * فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام.
القول الرابع: وهو قول مجاهد: القنوت عبارة عن الخشوع، وخفض الجناح وسكون الأطراف وترك الالتفات من هيبة الله تعالى وكان أحدهم إذا قام إلى الصلاة يهاب ربه فلا