ففعل ذلك، بأن أسلم كثير منهم يوم الفتح، وتزوج رسول الله [صلى الله عليه وسلم] أم حبيبة بنت أبي سفيان، فانكسر أبو سفيان عن كثير مما كان عليه حتى هداه الله للإسلام (والله قدير) على جعل المودة (والله غفور) لهم (رحيم) بهم بعدما أسلموا.
قوله [عز وجل]: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) [اختلفوا] فيمن نزلت على خمسة أقوال:
أحدها: أنها في أسماء بنت أبي بكر، وذلك أن أمها قتيلة بنت عبد العزى، قدمت عليها المدينة بهدايا، فلم تقبل هداياها، ولم تدخلها منزلها، فسألت لها عائشة رسول الله [صلى الله عليه وسلم]، فنزلت هذه الآية، فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تدخلها منزلها، وتقبل هديتها، وتكرمها، وتحسن إليها، قاله عبد الله بن الزبير.
والثاني: أنها نزلت في خزاعة وبني مدلج، وكانوا صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يقاتلوه، ولا يعينوا عليه أحدا، قاله ابن عباس. وروي عن الحسن البصري أنها نزلت في خزاعة، وبني الحارث بن عبد مناف، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد، فداموا على الوفاء به.
والثالث: نزلت في قوم من بني هاشم منهم العباس، قاله عطية العوفي [ومرة الهمذاني].
والرابع: أنها عامة في جميع الكفار، وهي منسوخة بقوله [عز وجل]: (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم)، قاله قتادة.
والخامس: نزلت في النساء والصبيان، حكاه الزجاج.