وقد اختلف أهل العلم هل دخل رد النساء في عقد الهدنة لفظا وعموما؟ فقالت طائفة: قد كان شرط ردهن في عقد الهدنة لفظا صريحا، فنسخ الله تعالى ردهن من العقد، ومنع منه، وأبقاه في الرجال على ما كان. وقالت طائفة من العلماء لم يشترط ردهن في العقد صريحا، وإنما أطلق العقد، وكان ظاهر العموم اشتماله مع الرجال، فبين الله عز وجل خروجهن عن عمومه، وفرق بينهن وبين الرجال لأمرين.
أحدهما: أنهن ذوات فروج فحرمن عليهم.
والثاني: أنهن أرق قلوبا، وأسرع تقلبا منهم فأما المقيمة على شركها فمردودة عليهم.
وقال القاضي أبو يعلى: وإنما لم يرد النساء عليهم لأن النسخ جائز بعد التمكين من الفعل.
قال المفسرون: والمراد بقوله [عز وجل]: (يا أيها الذين آمنوا) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه هو الذي تولى امتحانهن، ويراد به سائر المؤمنين عند غيبته صلى الله عليه وسلم. قال ابن زيد: وإنما أمرنا بامتحانهن، لأن المرأة كانت إذا غضبت على زوجها بمكة، قالت: لألحقن بمحمد صلى الله عليه وسلم وفيما كان يمتحنهن به ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه كان يمتحنهن ب " شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله " رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: أنه كان يستحلف المرأة بالله: ما خرجت من بغض زوج، ولا رغبة عن أرض إلى أرض، ولا التماس دنيا، ما خرجت إلا حبا لله ولرسوله، روي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أنه كان يمتحنهن بقوله [عز وجل]: (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك) فمن أقرت بهذا الشرط قالت: قد بايعتك، هذا قول عائشة عليها السلام.
قوله [عز وجل]: (الله أعلم بإيمانهن) أي: إن هذا الامتحان لكم، والله أعلم بهن، (فإن علمتموهن مؤمنات) وذلك يعلم من إقرارهن، فحينئذ لا يحل ردهن (إلى الكفار) لأن الله تعالى