عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم (7) لا ينهكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين (8) إنما ينهكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون (9) قوله [عز وجل]: (قد كانت لكم إسوة حسنة في إبراهيم) وقرأ عاصم: " أسوة " بضم الألف، وهما لغتان، أي: اقتداء حسن به وبمن معه. وفيهم قولان.
أحدهما: أنهم الأنبياء.
والثاني: المؤمنون (إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم) قال الفراء: تقول أفلا تأسيت يا حاطب بإبراهيم وقومه فتبرأت من أهلك كما تبرؤوا من قومهم؟!.
قوله [عز وجل]: (إلا قول إبراهيم لأبيه) قال المفسرون: والمعنى: تأسوا بإبراهيم الا في استغفاره لأبيه فلا تأسوا به في ذلك، فإنه كان عن موعدة وعدها إياه (وما أملك لك من الله من شئ) أي: ما أدفع عنك عذاب الله إن أشركت به، وكان من دعاء إبراهيم وأصحابه: (ربنا عليك توكلنا) إلى قوله [عز وجل]: (العزيز الحكيم) قال الفراء: قولوا أنتم: ربنا عليك توكلنا. وقد بينا معنى قوله [عز وجل]: (لا تجعلنا فتنة للذين كفروا) في " يونس ". ثم أعاد الكلام في ذكر الأسوة فقال [عز وجل]: (لقد كان لكم فيهم) أي: في إبراهيم ومن معه، وذلك أنهم كانوا يبغضون من خالف الله. قوله [عز وجل]: (لمن كان يرجو الله) بدل من قوله [عز وجل]: (لكم) وبيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله، ويخشى عقاب الآخرة.
قوله [عز وجل]: (ومن يتول) أي: يعرض عن الإيمان ويوال الكفار (فإن الله هو الغني) عن خلقه (الحميد) إلى أوليائه. فلما أمر الله المؤمنين بعداوة الكفار عادوا أقرباءهم. فأنزل الله تعالى: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) أي: من كفار مكة (مودة)