فصل وذكر بعضهم في قوله [عز وجل]: " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " أنه نسخ ذلك في حرائر أهل الكتاب بقوله [عز وجل]: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب)، وهذا تخصيص لا نسخ.
قوله [تعالى]: (وإن فاتكم شئ من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم) قال الزجاج: أي:
أصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم. وقرأ ابن مسعود، والأزهري، والنخعي: " فعقبتم " بغير ألف، وبفتح العين والقاف، وبتخفيفها. وقرأ ابن عباس، وعائشة والحسن وحميد، والأعمش فعقبتم مثل ذلك، إلا أن القاف مشددة. قال الزجاج: المعنى في التشديد والتخفيف واحد، فكانت العقبى لكم بأن غلبتم. وقرأ أبي بن كعب، وعكرمة، ومجاهد: " فأعقبتم " بهمزة ساكنة العين، مفتوحة القاف خفيفة. وقرأ معاذ القارئ، وأبو عمران الجوني: " فعقبتم " بفتح العين، وكسر القاف وتخفيفها من غير ألف (فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا) أي: أعطوا الأزواج من رأس الغنيمة ما انفقوا من المهر.
وذكر بعض المفسرين أن هذه الآية نزلت في عياض بن غنم، كانت زوجته مسلمة، وهي أم الحكم بنت أبي سفيان، فارتدت، فلحقت بمكة، فأمر [الله] المسلمين أن يعطوا زوجها من الغنيمة بقدر ما ساق إليها من المهر، ثم نسخ ذلك بقوله [عز وجل] (براءة من الله ورسوله) إلى رأس الخمسين..
فصل قال القاضي أبو يعلى: وهذه الأحكام في أداء المهر، وأخذه من الكفار، وتعويض الزوج من الغنيمة، أو من صداق قد وجب رده على أهل الحرب، منسوخة عند جماعة من أهل العلم. وقد نص الإمام أحمد رضي الله عنه على هذا. قلت: وكذا قال مقاتل: كل هؤلاء الآيات نسختها آية السيف.