بعلمه وقضائه قوله: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) فيه ستة أقوال:
أحدها: يهد قلبه لليقين، فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه، رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم [أنها من قبل الله تعالى، فيسلم، ويرضى.
والثاني: يهد قلبه] للاسترجاع، وهو أن يقول: إنا لله، وإنا إليه راجعون، قاله مقاتل.
والثالث: أنه إذا ابتلي صبر، [وإذا أنعم عليه شكر، وإذا ظلم غفر]، قاله ابن السائب، وابن قتيبة.
والرابع: يهد قلبه، أي: يجعله مهتديا، قاله الزجاج.
والخامس: يهد وليه بالصبر والرضى، قاله أبو بكر الوراق.
والسادس: يهد قلبه لاتباع السنة إذا صح إيمانه، قاله أبو عثمان الحيري. وقرأ أبو بكر الصديق، وعاصم الجحدري، وأبو نهيك: " يهد " بياء مفتوحة. ونصب الدال " قلبه " بالرفع. قال الزجاج: هذا من هدى هذا يهدى: إذا سكن. فالمعنى: إذا سلم لأمر الله سكن قلبه. وقرأ عثمان بن عفان، والضحاك، وطلحة بن مصرف، والأزرق عن حمزة: " نهد " بالنون. وقرأ علي بن أبي طالب، عليه السلام وأبو عبد الرحمن: " يهد " قلبه بضم الياء، وفتح الدال " قلبه " بالرفع. وما بعد هذا ظاهر إلى قوله [عز وجل]: (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) سبب نزولها أن الرجل كان يسلم. فإذا أراد الهجرة منعه أهله، وولده، وقالوا:
ننشدك الله أن تذهب وتدع أهلك وعشيرتك وتصير إلى المدينة بلا أهل ولا مال. فمنهم من يرق لهم، ويقيم فلا يهاجر، فنزلت هذه الآية. فلما هاجر أولئك، ورأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوا أهليهم الذين منعوهم، فأنزل الله تعالى: (وإن تعفوا وتصفحوا) إلى آخر الآية، هذا قول ابن عباس. وقال الزجاج: لما أرادوا الهجرة قال لهم أزواجهم، وأولادهم: قد صبرنا