والثاني: أنها نزلت في عبد الله بن عمر، وذلك أنه طلق امرأته حائضا، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، قاله السدي.
قوله [عز وجل]: (لعدتهن) أي: لزمان عدتهن، وهو الطهر. وهذا للمدخول بها، لأن غير المدخول بها لا عدة عليها.
والطلاق على ضربين: سني، وبدعي.
فالسني: أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، فذلك هو الطلاق للعدة، لأنها تعتد بذلك الطهر من عدتها، وتقع في العدة عقيب الطلاق، فلا يطول عليها زمان العدة.
والطلاق البدعي: أن يقع في حال الحيض، أو في طهر قد جامعها فيه، فهو واقع، وصاحبه آثم. فإن جمع الطلاق الثلاث في طهر واحد، فالمنصور من مذهبنا أنه بدعة.
قوله [تعالى]: (وأحصوا العدة) أي: زمان العدة. وفي احصائه فوائد. منها:
مراعاة زمان الرجعة، وأوان النفقة، والسكنى، وتوزيع الطلاق على الأقراء إذا أراد أن يطلق ثلاثا، وليعلم أنها قد بانت، فيتزوج بأختها، وأربع سواها.
قوله [عز وجل]: (واتقوا الله ربكم) أي: فلا تعصوه فيما أمركم به. (لا تخرجوهن من بيوتهن) فيه دليل على وجوب السكنى. ونسب البيوت إليهن، لسكناهن قبل الطلاق فيهن، ولا يجوز لها أن تخرج في عدتها إلا لضرورة ظاهرة. فإن خرجت أثمت (إلا أن يأتين بفاحشة) وفيها أربعة أقوال.
أحدها: أن المعنى: إلا أن يخرجن قبل انقضاء المدة، فخروجهن هو الفاحشة المبينة، وهذا قول عبد الله بن عمر، والسدي، وابن السائب.
والثاني: أن الفاحشة: الزنا، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والشعبي، وعكرمة، والضحاك. فعلى هذا يكون المعنى: إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن.
والثالث: أن الفاحشة، أن تبدو على أهله، فيحل لهم إخراجها، رواه محمد بن إبراهيم عن ابن عباس.
والرابع: أنها إصابة حد، فتخرج لإقامة الحد عليها، قاله سعيد ابن المسيب.