والثالث: أنه أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي، قاله ميمون بن مهران.
وقوله [عز وجل]: (فلما نبأت به) أي: أخبرت به عائشة (وأظهره الله عليه) أي: أطلع الله نبيه على قول حفصة لعائشة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا، لأنه استكتم حفصة ذلك، ثم دعاها، فأخبرها ببعض ما قالت، فذلك قوله [عز وجل]: (عرف بعضه وأعرض عن بعض) وفي الذي عرفها إياه قولان:
أحدهما: أنه حدثها ما حدثتها عائشة من شأن أبي بكر وعمر، وسكت عما أخبرت عائشة من تحريم مارية، لأنه لم يبال ما أظهرت من ذلك، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أن الذي عرف: تحريم مارية، والذي أعرض عنه: ذكر الخلافة لئلا ينتشر، قاله الضحاك، وهذا اختيار الزجاج. قال: ومعنى " عرف بعضه " عرف حفصة بعضه. وقرأ الكسائي، عرف بعضه " بالتخفيف. قال الزجاج: على هذه القراءة قد عرف كل ما أسره، غير أن المعنى جار على بعضه، كقوله [عز وجل]: (وما تفعلوا من خير يعلمه الله)، أي: يعلمه ويجازي عليه، وكذلك: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) أي: يرى جزاءه. فقيل: إن النبي [صلى الله عليه وسلم] طلق حفصة تطليقة، فكان ذلك جزاءها عنده، فأمره الله أن يراجعها. وقال مقاتل بن حيان: لم يطلقها، وإنما هم بطلاقها، فقال له جبريل: لا تطلقها، فإنها صوامة قوامة. وقال الحسن: ما استقصى كريم قط، ثم قرأ " عرف بعضه وأعرض عن بعض " وقرأ ابن مسعود، وأبي بن كعب، وابن السميفع " عراف " برفع العين، وتشديد الراء وبألف " بعضه " بالخفض.
قوله [عز وجل]: (فلما نبأها به) أي: أخبر حفصة بإفشائها السر (قالت من أنبأك هذا؟)