وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون (4) قوله [عز وجل]: (إذا جاءك المنافقون) يعني: عبد الله بن أبي وأصحابه (قالوا نشهد إنك لرسول الله) وها هنا تم الخبر [عنهم]. ثم ابتدأ فقال [عز وجل] (والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) وإنما جعلهم كاذبين، لأنهم أضمروا غير ما أظهروا.
قال الفراء: إنما كذب ضميرهم. (اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله) قد ذكرناه في المجادلة. قال القاضي أبو يعلى: وهذه الآية تدل على أن قول القائل: " أشهد " يمين، لأنهم [قالوا]: لو " نشهد " فجعله يمينا بقوله [عز وجل]: (اتخذوا أيمانهم جنة) وقد قال أحمد، والأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة: أشهد، وأقسم، وأعزم، وأحلف، كلها أيمان.
وقال الشافعي: " أقسم " ليس بيمين. وإنما قوله: " أقسم بالله " يمين إذا أراد اليمين.
قوله [تعالى]: (ذلك) أي: ذلك الكذب (بأنهم آمنوا) باللسان (ثم كفروا) في السر (فطبع الله على قلوبهم بالكفر فهم لا يفقهون) الإيمان والقرآن (وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم) يعني: أن لهم أجساما ومناظر. قال ابن عباس: كان عبد الله بن أبي جسيما فصيحا، ذلق اللسان، فإذا [قال]، سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله. وقال غيره: المعنى: يصغي إلى قولهم، فيحسب أنه حق (كأنهم خشب) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر:
وحمزة: " خشب " بضم الخاء، والشين جميعا، وهو جمع خشبة. مثل ثمرة، وثمر. وقرأ الكسائي: خشب بضم الخاء، وتسكين الشين، مثل: بدنة، وبدن، وأكمة، وأكم. وعن ابن كثير، وأبي عمرو، مثله. وقرأ أبو بكر الصديق، وعروة، وابن سيرين: " خشب " بفتح