[والرابع: إن شاء في صورة إنسان بأفعال الخير]. وإن شاء في صورة حمار بالبلادة والبله، وإن شاء في صورة كلب بالبخل، أو خنزير بالشر، ذكره الثعلبي.
قوله [عز وجل]: (بل تكذبون بالدين) وقرأ أبو جعفر بل يكذبون " بالياء " أي: بالجزاء والحساب، فيزعمون أنه غير كائن. ثم أعلمهم أن أعمالهم محفوظة، فقال تعالى: (وإن عليكم لحافظين) أي: من الملائكة يحفظون عليكم أعمالكم (كراما) على ربهم (كاتبين) يكتبون أعمالكم (يعلمون ما تفعلون) من خير وشر، فيكتبونه عليكم.
[قوله تعالى]: (إن الأبرار لفي نعيم) وذلك في الآخرة إذا دخلوا الجنة (وإن الفجار) وفيهم قولان.
أحدهما: أنهم المشركون.
والثاني: الظلمة. ونقل عن سليمان بن عبد الملك أنه قال لأبي حازم: يا ليت شعري ما لنا عند الله؟ فقال له: اعرض عملك على كتاب الله، فإنك تعلم ما لك عنده، فقال: وأين أجده؟ قال:
عند قوله [عز وجل]: (إن الأبرار لفي نعيم، وإن الفجار لفي جحيم) قال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال: قريب من المحسنين.
قوله [عز وجل]: (يصلونها يوم الدين) يعني: يدخلون الجحيم مقاسين حرها (يوم الدين) أي: يوم الجزاء على الأعمال (وما هم عنها) أي: الجحيم (بغائبين) وهذا يدل على تخليد الكفار. وأجاز بعض العلماء أن تكون " عنها " كناية عن يوم القيامة، فتكون فائدة الكلام تحقيق البعث. ويشتمل هذا على الأبرار والفجار. ثم عظم ذلك اليوم بقوله [عز وجل]: (وما أدراك ما يوم الدين) ثم كرر ذلك تفخيما لشأنه، وكان ابن السائب يقول: الخطاب بهذا للإنسان الكافر، لا لرسول الله [صلى الله عليه وسلم].
قوله [عز وجل]: (يوم لا تملك نفس لنفس) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو " يوم " بالرفع، والباقون: بالفتح. قال الزجاج: من رفع " اليوم "، فعلى أنه صفة لقوله [عز وجل]: (يوم الدين).
ويجوز أن يكون رفعا بإضمار " هو "، ونصبه على معنى: هذه الأشياء المذكورة تكون (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا) قال المفسرون: ومعنى الآية أنه لا يملك الأمر أحد إلا الله ولم يملك أحدا من الخلق شيئا كما ملكهم في الدنيا. وكان مقاتل يقول: لا تملك نفس لنفس كافرة شيئا من المنفعة. والقول على الإطلاق أصح، لأن مقاتلا فيما أحسب خاف نفي شفاعة المؤمنين. والشفاعة إنما تكون عن أمر الله وتمليكه.