قوله [عز وجل]: (ما غرك) قال الزجاج: أي: ما خدعك وسول لك حتى أضعت ما وجب عليك؟. وقال غيره: المعنى: ما الذي أمنك من عقابه وهو كريم متجاوز إذ لم يعاقبك عاجلا؟ وقيل للفضيل بن عياض: لو أقامك الله سبحانه يوم القيامة، وقال: ما غرك بربك الكريم، ماذا كنت تقول؟ قال: أقول: غرني ستورك المرخاة. وقال يحيى بن معاذ: لو قال لي: ما غرك بي؟ قلت:
برك سالفا وآنفا. وقيل: لما ذكر الصفة التي هي الكرم هاهنا دون سائر صفاته، كان كأنه لقن عبده الجواب، ليقول: غرني كرم الكريم.
قوله [عز وجل]: (الذي خلقك) ولم تك شيئا (فسواك) إنسانا تسمع وتبصر (فعدلك) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر " فعدلك " بالتشديد. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي " فعدلك " بالتخفيف. قال الفراء: من قرأ بالتخفيف، فوجهه - والله أعلم -: فصورك إلى أي صورة ما شاء، إما حسن، وإما قبيح، وإما طويل، وإما قصير. وقيل: في صورة أب، في صورة عم، في صورة بعض القرابات تشبيها. ومن قرأ بالتشديد، فإنه أراد - والله أعلم -: جعلك معتدلا، معدل الخلق. وقال غيره: عدل أعضاءك فلم تفضل يد على يد، ولا رجل على رجل، وعدل بك أن يجعلك حيوانا بهيما.
قوله [عز وجل]: (في أي صورة ما شاء ركبك) قال الزجاج: يجوز أن تكون " ما " زائدة.
ويجوز أن تكون بمعنى الشرط والجزاء، فيكون المعنى: في أي صورة ما شاء أن يركبك فيها ركبك. وفي معنى الآية أربعة أقوال.
أحدها: في أي صورة من صور القرابات ركبك، وهو معنى قول مجاهد.
والثاني: في أي صورة، من حسن، أو قبيح أو طويل، أو قصير، أو ذكر، أو أنثى، وهو معنى قول الفراء.
والثالث: إن شاء أن يركبك في غير صورة الانسان ركبك، قاله مقاتل. وقال عكرمة: إن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة خنزير.