والثالث: أنها بقر الوحش، قاله ابن مسعود.
والرابع: الظباء، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال سعيد بن جبير.
والخامس: الملائكة، حكاه الماوردي. والأكثرون على أنها النجوم. قال ابن قتيبة: وإنما سماها خنسا، لأنها تسير في البروج والمنازل، كسير الشمس والقمر، ثم تخنس، أي: ترجع، بينا يرى أحدها في آخر البروج كر راجعا إلى أوله، وسماها كنسا، لأنها تكنس، أي: تسير كما تكنس الظباء. وقال الزجاج: تخنس، أي: تغيب، وكذلك تكنس تدخل في كناسها، أي: تغيب في المواضع التي تغيب فيها. وإذا كان المراد الظباء فهي تدخل الكناس، وهو الغصن من أغصان الشجر. ووقف يعقوب على " الجواري " بالياء.
قوله [عز وجل]: (والليل إذا عسعس) فيه قولان:
أحدهما: ولى، قاله ابن عباس، وابن زيد، والفراء.
والثاني: أقبل، قاله ابن جبير، وقتادة. قال الزجاج: يقال: عسعس الليل: إذا أقبل.
وعسعس: إذا أدبر. واستدل من قال: إن المراد: إدباره بقوله [عز وجل]: (والصبح إذا تنفس) وأنشد أبو عبيدة لعلقمة بن قرط.
حتى إذا الصبح لها تنفسا * وانجاب عنها ليلها وعسعسا وفي قوله [عز وجل]: (تنفس) قولان:
أحدهما: أنه طلوع الفجر، قاله علي رضي الله عنه وقتادة.
والثاني: طلوع الشمس، قاله الضحاك. وقال الزجاج: معناه: إذا امتد حتى يصير نهارا بينا.
وجواب القسم في قوله: (فلا أقسم بالخنس) وما بعده قوله: (إنه لقول رسول كريم) يعني: أن القرآن نزل به جبريل. وقد بينا هذا في الحاقة. ثم وصف جبريل بقوله [عز وجل]: (ذي قوة) وهو كقوله [عز وجل]: (ذو مرة) وقد شرحناه في النجم ([ذي قوة] عند ذي العرش مكين) يعني: في المنزلة (مطاع ثم [أمين]) أي: في السماوات تطيعه الملائكة. فمن طاعة الملائكة له: أنه أمر خازن الجنة ليلة المعراج حتى فتحها لمحمد صلى الله عليه وسلم فدخلها ورأى ما فيها، وأمر خازن جهنم ففتح له عنها حتى نظر إليها. وقرأ أبي بن كعب، وابن مسعود، وأبو حيوة [ثم أمين] بضم الثاء.