" جمالة " برفع الجيم على التوحيد. قال الزجاج: من قرأ " جمالات " بالكسر، فهو جمع جمال، كما تقول: بيوت، وبيوتات، وهو جمع الجمع، فالمعنى: كأن الشرارات كالجمالات. ومن قرأ " جمالات " بالضم، فهو جمع " جمالة "، وهو القلس من قلوس سفن البحر ويجوز أن يكون جمع جمل وجمال وجمالات ومن قرأ جمالة فهو جمع جمل وجمالة، كما قيل: حجر، وحجارة.
وذكر، وذكارة. وقرئت " جمالة " على ما فسرناه في جمالات بالضم. و " الصفر " هاهنا: السود.
يقال للإبل التي هي سود تضرب إلى الصفرة: إبل صفر. وقال الفراء: الصفر: سود الإبل لا يرى الأسود من الإبل إلا وهو مشرب صفرة، فلذلك سمت العرب سود الإبل: صفرا، كما سموا الظباء:
أدما لما يعلوها من الظلمة في بياضها قال الشاعر:
تلك خيلي منه وتلك ركابي * هن سودا ولادها كالزبيب قوله [عز وجل]: (هذا يوم لا ينطقون) قال المفسرون: هذا في بعض مواقف القيامة. قال عكرمة: تكلموا واختصموا، ثم ختم على أفواههم، فتكلمت أيديهم، وأرجلهم، فحينئذ لا ينطقون ولا يؤذون لهم فيعتذرون. وقال ابن الأنباري لا ينطقون بحجة تنفعهم. وقرأ أبو رجاء، والقاسم بن محمد، والأعمش، وابن أبي عبلة " هذا يوم لا ينطقون " بنصب الميم.
قوله [عز وجل]: (هذا يوم الفصل) أي: بين أهل الجنة وأهل النار (جمعناكم) يعني:
مكذبي هذه الأمة (والأولين) من المكذبين الذين كذبوا أنبياءهم (فإن كان لكم كيد فكيدون) أثبت فيها الياء في الحالين يعقوب، أي: إن قدرتم على حيلة، فاحتالوا لأنفسكم. ثم ذكر ما للمؤمنين، فقال [عز وجل]: (إن المتقين في ظلال) يعني: ظلال الشجر، وظلال أكنان القصور (وعيون) الماء وهذا قد تقدم بيانه، إلى قوله [عز وجل]: (كلوا) أي: ويقال لهم: كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون في الدنيا بطاعة الله. ثم قال لكفار مكة: (كلوا وتمتعوا قليلا) في الدنيا إلى منتهى آجالكم (إنكم مجرمون) أي: مشركون بالله.
قوله [عز وجل]: (وإذا قيل لهم اركعوا) فيه قولان:
أحدهما: أنه حين يدعون إلى السجود يوم القيامة، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني: أنه في الدنيا كانوا إذا قيل لهم: اركعوا، أي صلوا (لا يركعون) أي: لا يصلون.
وإلى نحو هذا ذهب مجاهد في آخرين، وهو الأصح. وقيل: نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] بالصلاة، فقالوا: لا نحني، فإنها مسبة علينا، فقال: لا خير في دين ليس فيه ركوع.
قوله [عز وجل]: (فبأي حديث بعده يؤمنون) أي: إن لم يصدقوا بهذا القرآن، فبأي كتاب بعده يصدقون، ولا كتاب بعده: