والثاني: الرسل يلقون ما أنزل عليهم إلى الأمم، قاله قطرب.
قوله [عز وجل]: (عذرا أو نذرا) وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم " عذرا " خفيفا " أو نذرا " ثقيلا. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وحفص، وخلف " عذرا أو نذرا " خفيفتان. قال الفراء: وهو مصدر، مثقلا كان أو مخففا. ونصبه على معنى:
أرسلت بما أرسلت به إعذارا من الله وإنذارا. وقال الزجاج: المعنى: فالملقيات عذرا أو نذرا.
ويجوز أن يكون المعنى: فالملقيات ذكرا للإعذار والإنذار. وهذه المذكورات مجرورات بالقسم.
وجواب القسم (إنما توعدون لواقع) قال المفسرون: إن ما توعدون به من أمر الساعة، والبعث، والجزاء لواقع، أي: لكائن. ثم ذكر متى يقع فقال [عز وجل]: (فإذا النجوم طمست) أي:
محي نورها (وإذا السماء فرجت): شقت (وإذا الجبال نسفت) قال الزجاج: أي:
ذهب بها كلها بسرعة. يقال: انتسفت الشئ: إذا أخذته بسرعة.
قوله [عز وجل]: (وإذا الرسل أقتت) قرأ أبو عمر " وقتت " بواو مع تشديد القاف. ووافقه أبو جعفر، إلا أنه خفف القاف. وقرأ الباقون: " أقتت " بألف مكان الواو مع تشديد القاف.
قال الزجاج: وقتت وأقتت بمعنى واحد. فمن قرأ " أقتت " بالهمز، فإنه أبدل من الواو لانضمام الواو. وكل واو انضمت، وكانت ضمتها لازمة، جاز أن تبدل منها بهمزة. وقال الفراء: الواو إذا كانت أول حرف، وضمت، همزت. تقول: صلى القوم أحدانا. وهذه أجوبه حسان. ومعنى " أقتت ": جمعت لوقتها يوم القيامة. وقال ابن قتيبة: جمعت لوقت، وهو يوم القيامة. وقال الزجاج: جعل لها وقت واحد لفصل القضاء بين الأمة.
قوله [عز وجل]: (لأي يوم أجلت) أي: أخرت. وضرب الأجل لجمعهم، يعجب العباد من هول ذلك اليوم. ثم بينه فقال [عز وجل]: (ليوم الفصل) وهو يوم يفصل الله تعالى فيه بين الخلائق. ثم عظم ذلك اليوم بقوله: (وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين) بالبعث. ثم أخبر الله تعالى عما فعل بالأمم المكذبة، فقال: (ألم نهلك الأولين) يعني بالعذاب في الدنيا حين