لنزول الملائكة (فكانت أبوابا) أي: ذات أبواب (وسيرت الجبال) [عن أماكنها] (فكانت سرابا) أي: كالسراب، لأنها تصير هباء منثورا فيراها الناظر كالسراب بعد شدتها وصلابتها (إن جهنم كانت مرصادا) قال المبرد: مرصادا يرصدون به، أي: هو معد لهم يرصد بها خزنتها الكفار . وقال الأزهري: المرصاد: المكان الذي يرصد فيه الراصد العدو. ثم بين لمن هي مرصاد فقال [عز وجل]: (للطاغين) قال ابن عباس: للمشركين (مآبا) أي: مرجعا.
قوله [عز وجل]: (لا بثين) وقرأ حمزة " لبثين " والمعنى: فيهما واحد. يقال: هو لابث بالمكان، ولبث. ومثله طامع، وطمع، وفاره، وفره. وأما الأحقاب فجمع حقب، وقد ذكرنا الاختلاف فيه في الكهف.
فإن قيل: ما معنى ذكر الأحقاب، وخلودهم في النار لا نفاد له؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن هذا لا يدل على غاية، لأنه كلما مضى حقب تبعه حقب ولو أنه قال " لا بثين فيها عشرة أحقاب أو خمسة " دل على غاية، هذا قول ابن قتيبة، والجمهور. وبيانه أن زمان أهل الجنة والنار يتصور دخوله تحت العدد، وإن لم يكن له غاية. كقوله بكرة وعشيا مثل هذا ان كلمات الله تعالى داخلة تحت العدد وإن لم تكن لها نهاية.
والثاني: أن المعنى: أنهم يلبثون فيها أحقابا (لا يذوقون) في الأحقاب (بردا ولا شرابا) فأما خلودهم في النار فدائم. هذا قول الزجاج. وبيانه أن الأحقاب حد لعذابهم بالحميم والغساق، فإذا انقضت الأحقاب عذبوا بغير ذلك من العذاب. وفي المراد " بالبرد " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه برد الشراب. روى أبو صالح عن ابن عباس قال: لا يذوقون فيها برد الشراب، ولا الشراب.
والثاني: أنه الروح والراحة، قاله الحسن، وعطاء.