في الزخرف قوله (كانت قواريرا) أي: تلك الأكواب هي قوارير، ولكنها من فضة. قال ابن عباس: لو ضربت فضة الدنيا حتى جعلتها مثل جناح الذباب، لم ير الماء من ورائها، وقوارير الجنة من فضة في صفاء القارورة. وقال الفراء. وابن قتيبة: هذا على التشبيه، المعنى: كأنها من فضة، أي: لها بياض كبياض الفضة وصفاء كصفاء القوارير. وكان نافع، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم يقرؤون " قواريرا قواريرا " فيصلونهما جميعا بالتنوين. ويقفون عليهما بالألف. وكان ابن عامر وحمزة يصلانهما جميعا بغير تنوين، ويقفان عليهما بغير ألف. وكان ابن كثير يصل الأول بالتنوين، ويقف بغير ألف. وروى حفص عن عاصم أنه كان يقرأ " سلاسل " و " قوارير (قوارير) " يصل الثلاثة بغير تنوين، وقف على الثلاثة بالألف. وكان أبو عمرو يقرأ الأول " قواريرا " فيقف عليه بألف، ويصل بغير تنوين. وقال الزجاج: الاختيار عند النحويين أن لا تنصرف " قوارير " لأن كل جمع يأتي بعد ألفه حرفان لا ينصرف. ومن قرأ " قواريرا " يصرف الأول فلأنه رأس آية، ويترك صرف الثاني [لأنه ليس بآخر آية. ومن صرف الثاني]: أتبع اللفظ اللفظ، لأن العرب ربما قلبت إعراب الشئ لتتبع اللفظ اللفظ، كما قالوا: جحر ضب خرب. وإنما الخرب من نعت الجحر.
قوله [عز وجل]: (قدروها تقديرا) وقرأ أبن عباس وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عمران، [و] الجحدري، وابن يعمر " قدروها " برفع القاف، وكسر الدال، وتشديدها. وقرأ حميد، وعمرو بن دينار " قدروها " بفتح القاف، والدال، وتخفيفها. ثم في معنى الآية قولان.
أحدهما: قدروها في أنفسهم، فجاءت على ما قدروا، قاله الحسن. وقال الزجاج: جعل الإناء على قدر ما يحتاجون إليه ويريدونه على تقديرهم.
والثاني: قدروها على مقدار لا يزيد ولا ينقص، قاله مجاهد. وقال غيره: قدروا الكأس على قدر ريهم، لا يزيد عن ريهم فيثقل الكف، ولا ينقص منه فيطلب الزيادة، وهذا ألذ الشراب. فعلى هذا القول يكون الضمير في " قدروا " للسقاة والخدم. وعلى الأول للشاربين.
قوله [عز وجل]: (ويسقون فيها) يعني في الجنة (كأسا كان مزاجها زنجبيلا) والعرب تضرب المثل بالزنجبيل والخمر ممزوجين. قال المسيب يصف فم امرأة: