والثاني: أنها الرياح، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، وقتادة، ومقاتل. قال زيد بن أسلم: هي الجنوب. فعلى هذا القول تكون " من " بمعنى " الباء "، وتقديره:
بالمعصرات. وإنما قيل للرياح: معصرات، [لأنها] تستدر المطر.
والثالث: أنها السحاب، رواه الوالبي عن ابن عباس، وبه قال أبو العالية. والضحاك، والربيع، قال الفراء: السحابة المعصر: التي تتحلب بالمطر ولما يجتمع، مثل الجارية المعصر، قد كادت تحيض، ولما تحض. وكذلك قال ابن قتيبة: شبهت السحاب بمعاصير الجواري، والمعصر: الجارية التي قد دنت من الحيض. وقال الزجاج: إنما قيل للسحاب:
معصرات، كما قيل: أجز الزرع، فهو مجز، أي: صار إلى أن يجز، فكذلك السحاب إذا صار إلى أن يمطر فقد أعصر.
قوله [عز وجل]: (ماء ثجاجا) قال مقاتل: أي: مطرا كثيرا منصبا يتبع بعضه بعضا. [و] قال غيره: يقال: ثج الماء يثج: إذا انصب (لنخرج به) أي: بذلك الماء (حبا ونباتا) وفيه قولان:
أحدهما: أن الحب: ما يأكله الناس، والنبات: ما تنبته الأرض مما يأكل الناس والأنعام، هذا قول الجمهور. وقال الزجاج: كل ما حصد حب، وكل ما أكلته الماشية من الكلإ، فهو نبات.
والثاني: أن الحب: اللؤلؤ، والنبات: العشب. قال عكرمة: ما أنزل الله من السما قطرا، إلا نبت به في البحر لؤلؤا، وفي الأرض عشبا.
قوله [عز وجل]: (وجنات) يعني: بساتين (ألفافا) قال أبو عبيدة: أي ملتفة من الشجر ليس بينها خلال، الواحدة: لفاء، وجنات لف، وجمع الجمع: ألفاف. قال المفسرون: فدل بذكر المخلوقات على البعث. ثم أخبر عن يوم القيامة فقال [عز وجل]: (إن يوم الفصل) أي: يوم القضاء بين الخلائق (كان ميقاتا) لما وعد الله من الثواب والعقاب. (يوم ينفخ في الصور فتأتون) من قبوركم (أفواجا) أي: زمرا زمرا من كل مكان (وفتحت السماء) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر " وفتحت " بالتشديد. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي بالتخفيف، وإنما تفتح