والثالث: أن القسورة: حبال الصيادين، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والرابع: أنهم عصب الرجال، رواه أبو همزة عن ابن عباس. واسم أبي حمزة: نصر بن عمران الضبعي.
والخامس: أنه ركن الناس، وهذا في رواية عطاء أيضا عن ابن عباس. وركن الناس: حسهم وأصواتهم.
والسادس: أنه الظلمة والليل، قاله عكرمة.
والسابع: أنه النبل، قاله قتادة.
قوله [عز وجل]: (بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة) فيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن سرك أن نتبعك، فليصبح عند رأس كل رجل منا كتاب منشور من الله [تعالى] إلى فلان بن فلان يؤمر فيه باتباعك، قاله الجمهور.
والثاني: أنهم أرادوا براءة من النار أن لا يعذبوا بها، قاله أبو صالح.
والثالث: أنهم قالوا: كان الرجل إذا أذنب في بني إسرائيل وجده مكتوبا إذا أصبح في رقعة.
فما بالنا لا نرى ذلك؟ فنزلت هذه الآية، قاله الفراء. فقال الله تعالى: (كلا) أي: لا يؤتون الصحف (بل لا يخافون الآخرة) أي: لا يخشون عذابها. فالمعنى: أنهم لو خافوا النار لما اقترحوا الآيات بعد قيام الدلالة (كلا) أي: حقا. وقيل: معنى (كلا): ليس الأمر كما يريدون ويقولون (إنه) يعني القرآن (تذكرة) أي: تذكير وموعظة (فمن شاء ذكره) الهاء عائدة على القرآن فالمعنى: فمن شاء أن يذكر القرآن ويتعظ به [ويفهمه، ذكره. ثم رد المشيئة إلى نفسه] فقال [عز وجل]: (وما يذكرون إلا أن يشاء الله) أي: إلا أن يريد لهم الهدى (هو أهل التقوى) أي: أهل أن يتقى (وأهل المغفرة) أي: أهل أن يغفر لمن تاب. روى أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تلا هذه الآية، فقال: قال ربكم عز وجل: أنا أهل أن أتقى، فلا يشرك بي غيري. وأنا أهل لمن اتقى أن يشرك بي غيري أن أغفر له.