قوله تعالى: (هل أتى) قال الفراء: معناه: قد أتى. و " هل " تكون خبرا، وتكون جحدا، فهذا من الخبر، لأنك تقول: هل وعظتك؟ هل أعطيتك؟ فتقرره بأنك قد فعلت ذلك. والجحد، أن تقول: [وهل] يقدر أحد على مثل هذا؟ وهذا قول المفسرين، وأهل اللغة. وفي هذا الإنسان قولان.
أحدهما: أنه آدم عليه السلام. والحين الذي أتى عليه: أربعون سنة، وكان مصورا من طين لم ينفخ فيه الروح، هذا قول الجمهور.
والثاني: أنه جميع الناس، روي عن ابن عباس، وابن جريج، فعلى هذا يكون الإنسان اسم جنس، [ويكون] الحين زمان كونه نطفة، وعلقة، ومضغة.
قوله [عز وجل]: (لم يكن شيئا مذكورا) المعنى: أنه كان شيئا، غير أنه لم يكن مذكورا.
قوله [عز وجل]: (إنا خلقنا الإنسان) يعني: ولد آدم (من نطفة أمشاج) قال ابن قتيبة:
أي: أخلاط. يقال: مشجته، فهو مشيج، يريد: اختلاط ماء المرأة بماء الرجل.
قوله [تعالى]: (نبتليه) قال الفراء: هذا مقدم، ومعناه التأخير، لأن المعنى: خلقناه وجعلناه سميعا بصيرا لنبتليه. قال الزجاج: المعنى: جعلناه كذلك لنختبره [و] قوله [عز وجل]: (إنا هديناه السبيل) أي بينا له سبيل الهدى بنصب الأدلة، وبعث الرسول (إما شاكرا) أي: خلقناه إما شاكرا (وإما كفورا) وقال الفراء: بينا له الطريق إن شكر، أو كفر.