محمد حق، لأن عدتهم في التوراة تسعة عشر (ويزداد الذين آمنوا) من أهل الكتاب (إيمانا) أي: تصديقا بمحمد صلى الله عليه وسلم إذ وجدوا ما يخبرهم به موافقا لما في كتابهم (ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون) أي: ولا يشك هؤلاء في عدة الخزنة (وليقول الذين في قلوبهم مرض) وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه النفاق، ذكره الأكثرون.
والثاني: أنه الشك، قاله مقاتل، وزعم أنهم يهود أهل المدينة، وعنده أن هذه الآية مدنية.
والثالث: أنه الخلاف، قاله الحسين بن الفضل. وقال: لم يكن بمكة نفاق. وهذه مكية.
فأما " الكافرون " فهم مشركو العرب، (ماذا أراد الله) أي: أي شئ أراد الله (بهذا) الحديث والخبر (مثلا) والمثل يكون بمعنى الحديث (كذلك) أي: كما أضل من أنكر عدة الخزنة، وهدى من صدق (يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء) وأنزل في قول أبي جهل: أما لمحمد من الجنود إلا تسعة عشر: (وما يعلم جنود ربك إلا هو) يعني: من الملائكة الذين خلقهم لتعذيب أهل النار. وذلك أن لكل واحد من هؤلاء التسعة عشر من الأعوان ما لا يعلمه إلا الله عز وجل وذكر الماوردي في وجه الحكمة في كونهم تسعة عشر قولا محتملا، فقال: التسعة عشر: عدد يجمع أكثر القليل، وأقل الكثير، لأن الآحاد أقل الأعداد، وأكثرها تسعة، وما سوى الآحاد كثير. وأقل الكثير: عشرة، فوقع الاقتصار على عدد يجمع أقل الكثير، وأكثر القليل. ثم رجع إلى ذكر النار فقال [عز وجل]: (وما هي إلا ذكرى) أي: ما النار في الدنيا إلا مذكرة بنار الآخرة (كلا) أي:
حقا (والقمر. والليل إذ أدبر) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم " إذا أدبر " وقرأ نافع، وحمزة، وحفص، والفضل عن عاصم، ويعقوب وخلف، " إذ " بسكون الذال من غير ألف بعدها " إذ دبر " بسكون الدال، وبهمزة قبلها. وهل معنى القراءتين واحد، أم لا؟
فيه قولان:
أحدهما: أنهما لغتان بمعنى واحد. يقال: دبر الليل، وأدبر، ودبر الصيف [وأدبر]، هذا قول الفراء. والأخفش: وثعلب.