تنفعهم شفاعة الشافعين) وهذا إنما جرى بعد شفاعة الأنبياء والملائكة والشهداء والمؤمنين. وهذا يدل على نفع الشفاعة لمن آمن. قوله (فما لهم عن التذكرة معرضين)؟ يعني: كفار قريش حين نفروا من القرآن والتذكير بمواعظه. والمعنى: لا شئ لهم في الآخرة إذ أعرضوا عن القرآن ولم يؤمنوا به، ثم شبههم في نفورهم عنه بالحمر، فقال [عز وجل]: (كأنهم حمر مستنفرة) قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن عامر، والمفضل عن عاصم بفتح الفاء. والباقون بكسرها. قال أبو عبيدة، وابن قتيبة: من قرأ بفتح الفاء أراد: مذعورة، استنفرت فنفرت، ومن قرأ بكسر الفاء أراد: نافرة:
قال الفراء: أهل الحجاز يقولون: حمر مستنفرة. وناس من العرب يكسرون الفاء. والفتح [أكثر] في كلام العرب. وقراءتنا بالكسر. أنشدني الكسائي:
إحبس علي حمارك إنه مستنفر * في إثر أحمرة عمدن لغرب " وغرب " موضع.
وفي " القسورة " سبعة أقوال:
أحدها: أنه الأسد، رواه يوسف بن مهران عن ابن عباس: وبه قال أبو هريرة، وزيد بن أسلم، وابنه. قال ابن عباس: الحمر الوحشية إذا عاينت الأسد هربت منه، فكذلك هؤلاء المشركون إذا سمعوا النبي صلى الله عليه وسلم هربوا منه، وإلى هذا ذهب أبو عبيدة، والزجاج. قال ابن قتيبة: كأنه من القسر والقهر. والأسد يقهر السباع.
والثاني: أن القسورة: الرماة، رواه عطاء عن ابن عباس، وبه قال أبو موسى الأشعري، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، ومقاتل، وابن كيسان.