والثاني: أن الرجل كان يجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: فعلت كذا وكذا، وما فعل، فنزلت " لم تقولون ما لا تفعلون " رواه عكرمة عن ابن عباس، وكذلك قال الضحاك: كان الرجل يقول:
قاتلت، ولم يقاتل، وطعنت، ولم يطعن، وصبرت ولم يصبر، فنزلت هذه الآية.
والثالث: أن ناسا من المسلمين كانوا يقولون قبل أن يفرض الجهاد: وددنا أن الله تعالى دلنا على أحب الأعمال إليه، فلما نزل الجهاد، كرهه ناس من المؤمنين، فنزلت هذه الآية، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والرابع: أن صهيبا قتل رجلا يوم بدر، فجاء رجل فادعى أنه قتله وأخذ سلبه، فقال صهيب:
أنا قتلته يا رسول الله، فأمره أن يدفع سلبه إلى صهيب، ونزلت هذه الآية، رواه سعيد بن المسيب عن صهيب.
والخامس: أن المنافقين كانوا يقولون للنبي وأصحابه: لو قد خرجتم خرجنا معكم، ونصرناكم. فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم نكصوا عنه، فنزلت هذه الآية، قاله ابن زيد.
قوله [عز وجل]: (كبر مقتا عند الله) [قال الزجاج: " مقتا "] منصوب على التمييز، والمعنى: كبر قولكم ما لا تفعلون مقتا عند الله. ثم أعلم عز وجل ما الذي يحبه، فقال [عز وجل]: (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) أي: بنيان لاصق بعضه ببعض، فأعلم أنه يحب من يثبت في الجهاد، ويلزم مكانه كثبوت البنيان المرصوص. ويجوز أن