فبناء على هذا يمكن التمسك بظاهر الآية وأن إبراهيم قال هذا الكلام صراحة وإن كان الاحتمال الأول غير بعيد. خاصة أن " الضيف " لم يردوا على هذا الكلام، ولو كان إبراهيم قال مثل هذا الكلام صراحة، فلابد أن يجيبوه.
وعلى كل حال فإن إبراهيم أدى ما عليه من حق الضيافة فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين.
والفعل " راغ " كما يقول الراغب في مفرداته مشتق من " روغ " - على وزن " شوق " - ومعناه التحرك مقرونا بخطة خفية، لأن إبراهيم فعل " كذلك " وقام بذلك خفاء لئلا يلتفت الضيف فلا يقبلوا بضيافته التي تستلزم نفقة كثيرة! إلا أنه لم هيأ إبراهيم طعاما كثيرا؟ مع أن ضيفه كانوا كما يقول بعض المفسرين " ثلاثة " وقال بعضهم: كانوا اثني عشر - وهذا أقصى ما قاله بعض المفسرين (1) -.
فذلك لأن الكرماء لا يهيؤون الطعام بمقدار الضيف فحسب، بل يهيؤون طعاما يستوعب حتى العمال ليشاركوهم في الأكل، وربما أخذوا بنظر الاعتبار حتى الجار والأقارب فعلى هذا لا يعد مثل هذا الطعام الذي هيأه إبراهيم إسرافا، ويلاحظ هذا المعنى في يومنا هذا عند بعض العشائر التي تعيش على طريقتها القديمة.
و " العجل " على وزن " طفل " معناه ولد البقر " وما يراه بعضهم أنه الخروف فلا ينسجم مع متون اللغة "!.. وهذه الكلمة مأخوذة في الأصل من العجلة، لأن هذا الحيوان في هذه السن وفي هذه المرحلة يتحرك حركة عجلى، وحين يكبر تزول عنه هذه الصفة تماما.
و " السمين " معناه المكتنز لحمه، وانتخاب مثل هذا العجل إنما هو لإكرام الضيف وليسع المتعلقين والأكلة الآخرين!