الانقلاب، وحيث أن فكر الإنسان أو عقله في تقلب دائم وفي حال مختلفة فقد أطلقت عليه كلمة " القلب ".. ولذلك فإن القرآن يعول على اطمئنان القلب والسكينة فيقول: هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين (1) كما يقول في آية أخرى: ألا بذكر الله تطمئن القلوب، (2) أجل إنما يهدئ هذا الموجود المضطرب ذكر الله فحسب.
أما ألقى السمع فكناية عن الإصغاء ومنتهى الاستماع بدقة، وهناك تعبير في العرف يشبه هذا التعبير يقول " اذني معك " أي إنني أصغي إليك بدقة!
و " الشهيد " يطلق على من هو حاضر القلب، أو كما يقال قلبه في المجلس وهو يتابع المسائل بدقة!.
وهكذا فإن مضمون الآية بمجموعة يعني ما يلي: إن هناك فريقين ينتفعان بهذه المواعظ والنصيحة.. فالفريق الأول من يتمتع بالذكاء والعقل.. ويستطيع بنفسه أن يحلل المسائل بفكره!
أما الفريق الآخر فليس بهذا المستوى، إلا أنه يمكن أن يلقي السمع للعلماء ويصغي لكلماتهم بحضور القلب ويعرف الحقائق عن طريق الإرشاد.
ويشبه هذا التعبير ما نقرؤه في الآية 10 من سورة الملك على لسان أهل النار، إذ ورد هكذا: وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير!
لأن علائم الحق واضحة، فأهل التحقيق يعرفونها جيدا.. ومن لم يكن كذلك فيستطيع أن يعرفها عن طريق إرشاد المخلصين من العلماء.
فعلى هذا يجب أن يتمتع الإنسان بعقل كاف وعلم واف.. أو يتمتع بإذن واعية (3).
* * *