حفيظ.
وقد أشير في هذه الآية إلى وصفين من أوصافهم وهما " أواب ".. " وحفيظ ".
وكلمة " الأواب ": من مادة [أوب] - على زنة ذوب - ومعناها العودة، ولعلها تعني التوبة عن الذنوب الكبيرة والصغيرة.
أو أنها تعني العودة إلى الطاعة، ومع ملاحظة أن هذه الصيغة هي للمبالغة فإنها تدل على أن أهل الجنة رجال متقون بحيث إن أي عامل أو مؤثر أراد أن يبعدهم عن طاعة الله فهم يلتفتون ويتذكرون فيرجعون إلى طاعته فورا، ويتوبون عن معاصيهم وغفلاتهم ليبلغوا مقام " النفس المطمئنة ".
" الحفيظ " معناه الحافظ، فما المراد منه؟ هل هو الحافظ لعهد الله إذ أخذه من بني آدم ألا يعبدوا الشيطان كما ورد في الآية (60) من سورة يس، أم هو الحافظ لحدود الله وقوانينه أو الحافظ لذنوبه والمتذكر لها مما يستلزم التوبة والجبران، أو يعني جميع ما تقدم من إحتمالات؟
ومع ملاحظة أن هذا الحكم ورد بصورة مطلقة، فإن التفسير الأخير الجامع لهذه المعاني يبدو أقرب.
واستدامة لبيان هذه الأوصاف فإن الآية التالية تشير إلى وصفين آخرين منها، وهما في الحقيقة بمثابة التوضيح والتفسير لما سبق ذكره، إذ تقول الآية: من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب.
عبارة من خشي الرحمن بالغيب إشارة إلى أنهم رغم عدم رؤيتهم الله بأعينهم، إلا أنهم يؤمنون به عن طريق آثاره والاستدلال بها. فيؤمنون إيمانا مقرونا بالإحساس بتحمل المسؤولية.
ويحتمل أن المراد من " الغيب " هو ما غاب عن أعين الناس، أي أنهم لا يرتكبون الإثم لا بمرأى من الناس ولا في خلوتهم وابتعادهم عنهم.
وهذا الخوف " أو الخشية " يكون سببا للإنابة، فيكون قلبهم متوجها إلى الله