أعلاه، يقول سبحانه: ولمن خاف مقام ربه جنتان.
" الخوف " من مقام الله، جاء بمعنى الخوف من مواقف يوم القيامة والحضور أمام الله للحساب، أو أنها بمعنى الخوف من المقام العلمي لله ومراقبته المستمرة لكل البشر (1).
والتفسير الثاني يتناسب مع ما ذكر في الآية (33) من سورة الرعد: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت.
ونقرأ في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) في تفسيره لهذه الآية أنه قال: " ومن علم أن الله يراه ويسمع ما يقول، ويعلم ما يعلمه من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال، فذلك الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى " (2).
ويوجد هنا تفسير ثالث. هو أن الخوف من الله تعالى لا يكون بسبب نار جهنم، والطمع في نعيم الجنة، بل هو الخوف من مقام الله وجلاله فقط.
وهنالك تفسير رابع أيضا، وهو أن المقصود من (مقام الله) هو الخوف من مقام عدالته، لأن ذاته المقدسة لا تستلزم الخوف، إنما هو الخوف من عدالته، الذي مرده هو خوف الإنسان من أعماله، والإنسان المنزه لا يخشى الحساب.
ومن المعروف أن المجرمين إذا مروا بالمحكمة أو السجن ينتابهم شئ من الخوف بسبب جناياتهم على عكس الأبرار حيث يتعاملون بصورة طبيعية مع الأماكن المختلفة.
وللخوف من الله أسباب مختلفة، فأحيانا يكون بسبب قبح الأعمال وانحراف الأفكار، واخرى بسبب القرب من الذات الإلهية حيث الشعور بالخوف والقلق من الغفلة والتقصير في مجال طاعة الله، وأحيانا أخرى لمجرد تصورهم لعظمة الله