كان من تفجير العيون في الأرض حيث يقول تعالى: وفجرنا الأرض عيونا (1) وهكذا اختلط ماء السماء بماء الأرض بمقدار مقدر وملأ البسيطة: فالتقى الماء على أمر قد قدر.
إن هذا التعبير يجسد حالة الطوفان الذي غمر الأرض، إلا أن بعض المفسرين فسروا عبارة (قد قدر) بقولهم: إن كميتي المياه المتدفقة من الجانبين المتقابلين كانتا متساويتين في مقاديرهما بصورة دقيقة، إلا أن الرأي الأول هو الأرجح.
وخلاصة الأمر: إن الماء قد فار من جميع جهات الأرض وفجرت العيون وهطلت الأمطار من السماء، واتصل الماء بعضه ببعض وشكل بحرا عظيما وطوفانا شديدا.
وتترك الآيات الكريمة مسألة الطوفان، لأن ما قيل فيها من الآيات السابقة يعتبر كافيا فتنتقل إلى سفينة نجاة نوح (عليه السلام) حيث يقول تعالى: وحملناه على ذات ألواح ودسر.
(دسر) جمع (دسار) على وزن (كتاب)، كما يقول الراغب في المفردات، أنها في الأصل بمعنى الإبعاد أو النهر بشدة مقترنا مع حالة عدم الرضا، ولكون المسمار عندما يتعرض للطرق الشديد يدخل في الخشب وما شاكل فيقال له (دسار).
وذكر قسم من المفسرين أن معنى هذه الكلمة هو (الحبل) مشيرين بذلك إلى حبال أشرعة السفينة وما إلى ذلك، والتفسير الأول هو الأرجح نظرا لذكر كلمة (ألواح).
على كل حال، فإن التعبير القرآني هنا ظريف، لأنه كما يقول البارئ عز وجل بأننا وفي وسط ذلك الطوفان العظيم، الذي غمر كل شئ أودعنا أمر نجاة