وبعد إشكالهم الأول على نبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو كيف يكون النبي بشرا؟! كان لهم إشكال آخر على محتوى دعوته ووضعوا أصابع الدهشة على مسألة أخرى كانت عندهم أمرا غريبا وهي أإذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد (1).
وعلى كل حال، كانوا يتصورون أن العودة للحياة مرة أخرى بعيدة لا يصدقها العقل، بل كانوا يرونها محالا ويعدون من يقول بها ذا جنة! كما نقرأ ذلك في الآيتين 7 و 8 من سورة سبأ إذ: قال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذبا أم به جنة.
ولم يكن هذا الإشكال الذي أوردوه على النبي هنا فحسب، بل أشكلوا عليه به عدة مرات وسمعوا رده عليهم، إلا أنهم كرروا عليه ذلك عنادا.
وعلى كل حال، فإن القرآن يرد عليهم بطرق متعددة! فتارة يشير إلى علم الله الواسع فيقول: قد علمنا ما تنقص الأرض منهم وعندنا كتاب حفيظ.
إذا كان إشكالكم هو أنه كيف تجتمع عظام الإنسان النخرة ولحمه الذي صار ترابا وذراته التي تبدلت إلى بخار وغازات متفرقة في الهواء، ومن يجمعها؟! أو من يعرف عنها شيئا؟! فجواب ذلك معلوم.. فالله الذي أحاط بكل شئ علما يعرف جميع هذه الذرات ويجمعها متى شاء، كما أن ذرات الحديد المتناثرة في تل من الرمل يمكن جمعها بقطعة من " المغناطيس " فكذلك جمع ذرات الإنسان أيسر على الله من ذلك.
وإذا كان إشكالهم أنه من يحفظ أعمال الإنسان ليوم المعاد، فالجواب على ذلك أن جميع أعمال الناس في لوح محفوظ، ولا يضيع أي شئ في هذا العالم، وكل شئ - حتى أعمالكم - سيظل باقيا وإن تغير شكله.